--------------------------------------------------------------------------------
أعزائي وأصحابي، السلام عليكم..
بداية أحب أن أعبر عن سعادتي عند كتابتي هذا الموضوع ولقائي معكم من خلال موضوعاتى
وأود أن أُعرِّفكم بنفسي.. أنا شابة لم أتجاوز العشرين من عمري، وقد تعمدت ذكر سني لأقول لكم إن عمري قريب من كثير ممن
يقومون بقراءة مقالي الآن فأنا شابة أعيش وسط الشباب، واحدة منهم، أعرف طموحاتهم وهمومهم، ما يسعدهم وما يقلقهم، والصعاب
المحيطة بهم، وإيجابيات وسلبيات هذه المرحلة والمشاكل الكثيرة التي قد يمر بها كثير منا، فهذا المقال من أخت قريبة من حياتكم.
***
يجب ان نعرف ان الزواج باعتباره رزقا من عند الله، وتطرقنا في حديثنا وقتها عن الرزق بشكل عام وأوضحنا أن الرزق بيد الله، فهو
وحده علام الغيوب المتحكم فيه وهو الذي يحدد قدره ومن يستحقه، وفي أي وقت يقدمه له.
والحقيقة أن الرزق –الذي هو موضوعنا اليوم- وضعف إيماننا بأن الله هو مانحه، هو ما يدفعنا لأن نقتتل وأن نتنافس وأن نتعارك في
سبيل الحصول عليه، معتقدين أن في هذا فوزا لنا ونصرا مبينا غير عالمين –أو متناسين– بأن في هذا الخسران في الدنيا والآخرة..
ويجب ان نعرف أن هناك شروطا معينة يجب وضعها في الحسبان حتى يمن الله برزقه علينا، مؤكدين أن أول هذه الشروط هو
الاعتقاد اليقيني بأن الرزق من عند الله وأنه وحده الذي يمنح الرزق لهذا ويمنع الرزق عن ذلك، وأن كل أسباب الرزق هي من عند
الله يتحكم فيها ويضعها أمامنا طريقا يأتي الرزق من خلاله.
كما أكدنا على أن تثق ثقة عمياء بالله عز وجل، وأنه لن يمنحك –سبحانه- إلا ما فيه الخير لك، وقد يمنع عنك ما يضرك، رغم اعتقادك
بأن في هذا الخير كل الخير..
كما أشرنا إلى عدم استعجال الرزق، فاستعجاله هو ما يدفعنا إلى ارتكاب المعاصي والذنوب، وهو ما يؤدي إلى النتيجة العكسية؛ حيث
يمنع الله الرزق عن مرتكب الذنب، مصداقا لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"..
ثم أكدنا أن هذا لا يعني أن نتواكل وأن نهمل في أعمالنا وأن نقلل من سعينا، فالله عز وجل لن يرزقك دون عمل واجتهاد، فالعبد
المخلص في عبادته الساعي للعمل، المتقن فيه، خير وأحب عند الله من العابد المتفرغ للعبادة المنقطع لها تاركا ما سواها.
والحقيقة أن الرزق هو كل ما ينتفع به، فالمال رزق والبيت الجميل الواسع رزق، وحب الناس رزق، والزوج الطيب أو الزوجة
الصالحة رزق؛ لذلك مهم جداً أن نتفق على أن الرزق ليس بالكم وإنما هو بالانتفاع، فكم من البشر يملكون أموالا طائلة ولكنهم لا
يرون الراحة ولا يستشعرونها في قلوبهم ولا يشعرون بحب الناس ونراهم على استعداد لأن يفقدوا نصف ثرواتهم حتى يناموا
مستريحي البال.
والحقيقة أنني لم أعد إلى هذا الموضوع مرة ثانية إلا لإيمان مني بأن راحة البال مرتبطة بالإيمان بأن الرزق آت لك لا محالة من عند
الله، وأن راحة البال هذه هي المؤدية إلى السعادة في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
كما حرصت أن أورد هاتين القصتين المؤكدتين على الثقة بالله وأنه مانح الرزق ومانعه وأن هذا الإيمان يأتي بنتائج رائعة.
وقصتنا الأولى تعود إلى أكثر من 80 عاما تقريباً فقد كان هناك رجل له مكانة في إحدى القرى ويعد واحدا من علمائها الذين ينالون
ثقة الناس، وكان اليوم يوم عيد فخرج الرجل في أحلى صورة يلبس جلبابا فوقه عباءة غالية الثمن وعمامة فوق رأسه تزين هذه
الملابس الجميلة، وإذا بأحد الفقراء يقول له: "ما أجمل ملابسك!! هلا أعطيتني هذه العباءة؟" فقال له: "هي لك وخذ معها
العمامة".. ورجع الرجل إلى بيته فرأته زوجته فقالت له: "لم فعلت هذا بنفسك فى يوم العيد؟" فقال لها: "لا تقلقي فالله يقول: "وما
أنفقتم من شيء فهو يخلفه".. وسيخلف علينا".. ودخل لينام ثم استيقظ فوجد كيساً بجوار الفراش ففتحه فوجد به تسع عباءات فنادى على
زوجته: "يا أم فلان.. ما هذا؟".. فقالت له: "كان أحد أصدقائك مسافرا وقد عاد وأحضر لك هذه الهدية؟" فقال: "وأين العباءة
العاشرة؟!!" فقالت: "خبأتها منك حيث إذا أنفقت كل هذه العباءات وجدت ما تلبسه"!!!
انظروا يا إخوتي إلى يقينه بأن الله سيخلف عليه الواحدة بعشرة حيث قال الله في حديثه القدسي: "الحسنة عندي بعشر أمثالها أو
أزيد"..
أما قصتنا الثانية فقد دارت في إحدى الدول العربية ومع والد أحد أصدقائي، وهو يملك محل ذهب وكان يوم الجمعة أكثر الأيام التي
يشتري فيها الزبائن الذهب وإذا بأمه تطلب منه أن يذهب بها لقضاء حاجة معينة... ولأن الأم أهم بكثير من العمل فقد ذهب راضيا معها
تاركا عمله في أهم الأيام، ولم يعد إلا قبل المغرب بنصف ساعة ولم يكن قد صلى العصر، وعند المحل وجد اثنين من الزبائن واقفين
في انتظاره لكي يشتريا منه، ولكنه اعتذر لهما مؤكدا أنه لن يستطيع فتح المحل الآن؛ حيث يجب أن يصلي العصر أولا، وأشار عليهما
بأن يشتريا من المحل المجاور..
ويقول الرجل: "ذهبت فصليت ثم رجعت فإذا بهما واقفان في انتظاري فبعت لهما بقدر مبيعات شهر كامل"..
وصدق قول الله تعالى: "من يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"..
هكذا إخوتي يجب أن نفعل حتى يمن الله علينا برزقه، فهل نتفهم هذا ونتأمله.. نسأل الله ذلك فهو نعم المولى ونعم النصير..